الجمعة، 27 أكتوبر 2017

نمودج تحليل السؤال الفلسفي



هل تتحدد هوية الشخص وقيمته  في جسده
يعتبر مفهوم الشخص من المفاهيم التي آتارت جدلا واسعاً بين مختلف الاتجاهات الفكرية والفلسفية خصوصاً بين المفكرين والفلاسفة المعاصرين، بحيث قام كل واحد منهم بمعالجة إشكالية الشخص والهوية انطلاقاً من منظوره الخاص، فإدا كان الشخص يشير إلى الإنسان، بما هو دات واعية وعاقلة، أي دات قادرة على التمييز بين الخير والشر، دات تتحمل مسؤوليتها، وكانت الهوية مطابقة الذات لداتها، ،فإن الاشتغال على السؤال الفلسفي،  قادنا إلى طرح إشكالات فلسفية عميقة يمكن التعبير عنها بالشكل التالي:
ما هو الشخص؟ وهل تتحدد هوية الشخص انطلاقا من الجسد،؟ أم من خلال الإنطباعات الحسية؟ أم انطلاقا من الفكر بما هو روح؟ وهل يمكن تحديد هوية  الشخص من خلال  مظاهره الجسمية والنفسية ؟
لا بد من تحليل الألفاظ والمفاهيم الواردة في عبارة السؤال، ف" هل" حرف استفهام يطلب به التصديق  أو عدم التصديق ويحتمل الإجابة بنعم، يعني تتحدد هوية الشخص في الجسد أو لا لا تتحدد هوية الشخص في الجسد ومفهوم الهوية يدل على الخاصية التي بموجبها إما تطابق الدات مع داتها، فتكون هي هي وإما أن تميز الدات عن غيرها. وأما الشخص فيدل على ذلك الكائن الذي يتميز بعدة خصائص من بينها التأمل ، التخيل، التفكير... وأما الجسد فيحيل على المكونات الخارجية للإنسان التي تدل على الجسم والمظهر.
والحال أن الشخص يتحدد كموضوع أو شيء يمكن تجزيئه ومعرفته من الخارج، فهو ذات تتشكل و تتحدد من الخارج  بما هو خارجي فيها. وهذا معناه أنه على الرغم مما نشكله من معارف عن الشخص من خلال ما يتبدى من علامات وسمات على جسده، باعتبار هذا الأخير كمادة لمعرفة فيزيولوجية ( علم وظائف الأعضاء)،  لكن على وعلى الرغم من معرفتنا لإيديولوجيته أو جنسيته أو انتمائه الثقافي أو الطبقي أو غيرها إلا أن دلك لا يمنح هوية فالشخص ليس مجرد شيء يفتقد للوعي والإرادة والحرية. وكذلك لا يمكن تحديده من خلال القانون أي المبادئ التي يضعها العلم ويفسر بها الظواهر الإنسانية أو الظواهر الطبيعية، وبالتالي يتمكن من التنبؤ بها والتحكم فيها. ومن هنا نستشف أن صاحب السؤال الفلسفي يدافع  على أن هوية  الشخص تتحدد فبي إن لكن يبقى الشخص  ذات مفكرة وحرة ومريدة ، ولا يمكن لآلاف الصور المشكلة عنه أن تقول ماهيته وحقيقته، وذلك لسبب واحد ووحيد ، ، وهو أن الشخص لا تتحدد هويته من خلال جسده أو مظهره الخارجي باعتباره مجرد موضوع من موضوعات العالم، وإنما هويته تتحدد من الداخل أي باعتباره روحا. و هذا ما يجعل الشخص عندما يكون حاضرا في كل مكان فهو لا يكون بأي مكان، وهو ما يجعله يتميز كذلك عن كل ما هو موضوع ومجرد شيء كالأشجار والأحجار والكائنات الأخرى.
لقد أثمر النقاش الفلسفي لمسألة الهوية الشخصية وجهات نظر متعددة ومختلفة، فإذا كان صاحب السؤال الفلسفي  قد حصر هوية الشخص في البعد الخارجي  للإنسان، فإن الفيلسوف الفرنسي ديكارت يذهب إلى أن ما يحدد هوية الشخص هو العقل والقدرة على التفكير فهما ما يمثل جوهر الذات الإنسانية، حيث لا يمكن للإنسان  أن يعي وجوده ويبلغ الحقيقة دون هدا الجوهر، أما جون لوك فيرى أن ما يجعل الإنسان يحافظ على وحدة داته وبقائها في الزمن وبالتالي يجسد الهوية الشخصية هو الشعور المقترن بالفكر الدي يميز الشخص ويجعله يدرك أنه كائن مفكر وعاقل، إضافة على الداكرة التي هي امتداد لهدا الشعور في الزمان والمكان.

فوق هذا وذاك، تبقى مسألة الهوية الشخصية من القضايا الفلسفية المعقدة التي تتطلب مقاربات ودراسات عميقة ومتعددة، وذلك لكونها قضية ترتبط بالإنسان باعتباره كائن مركب وتتداخل فيه أبعاد عدة( بيولوجية، عقلية، نفسية، اجتماعية، أخلاقية، قانونية....الخ). وعليه يمكن القول إن هوية الشخص لا تتوقف على عنصر واحد من العناصر السالفة الذكر(الروح، العقل، الإحساس، الذاكرة، الإرادة)، بل ينبغي أن تكون هوية مركبة وتفاعلية تتظافر وتستحضر فيها كل العناصر والأبعاد السابقة، وبهذا يمكن دراسة الشخص ككل وكبنية والارتقاء به وتمييزه عن الكائنات الأخرى بوصفه شخصا ذو قيمة. فمن أين يستمد الشخص قيمته إذن؟ هل من كونه غاية في ذاته أم من خلال اعتباره مجرد وسيلة لغيره؟
من انجاز الأستاذ الصديق

مقالات ذات صلة

نمودج تحليل السؤال الفلسفي
4/ 5
بواسطة